ترتبط الأقسام الداخلية بالمؤسسات الدراسية، وخاصة المعاهد والجامعات. كما قد تكون لبعض المدارس أقسامها الداخلية أيضا.
ومن اطلع على الحياة في الأقسام الداخلية في بعض الدول في الشرق والغرب يجد أن هناك تفاوتا كبيرا في النظم والتعليمات التي يجب أن يلتزم بها الساكنون في تلك الأقسام، مثل التفاوت في الالتزامات المالية التي يتحملونها. فبينما نجد طلبة الأقسام الداخلية في الدول الرأسمالية يتحملون كافة النفقات، ابتداء بأجور الفرش والأثاث والأواني وانتهاء بأجور الماء والكهرباء والتنظيف وبعض الخدمات الأخرى، نرى الأقسام الداخلية في الأقطار الاشتراكية تقدم كل تلك الخدمات وغيرها مجانا. وفوق ذلك قد يقدم لهم الطعام وربما الملابس ومصروف الجيب أيضا، أو يدفع لهم راتب شهري يسد احتياجاتهم من تلك المتطلبات كلها أو بعضها.
ولا نعدم بالطبع أن نجد حالة وسطى بين هذه وتلك تتحمل فيها الدولة أو الجامعة بعض تلك النفقات ويتحمل فيها الساكنون من الطلبة بعضها الآخر.
وفي القطر العراقي كانت الأقسام الداخلية في العهد الملكي مقتصرة على دور المعلمين بمستوياتها الثلاثة (الريفية والابتدائية والعالية ) وربما بعض المدارس والمعاهد الأخرى .ولذلك استقطبت دار المعلمين العالية أغلب الطلبة المتميزين، وخاصة من المحافظات .وكان الإقبال عليها يفوق الإقبال على كليات الطب والهندسة نظرا لما كانت توفره لطلبتها من مأكل ومسكن وملبس وخدمات مجانية أخرى إضافة إلى ضمان التعيين بعد التخرج. لذلك لا يستغرب أن يكون أغلب علمائنا وأدبائنا وأساتذة جامعاتنا قد تخرجوا من تلك الدار في الفترة المذكورة .أما الإقبال على الكليات الأخرى فقد كان مقتصرا على سكنةالعاصمة أو من يقوى على تحمل النفقات الدراسية من خارجها .
وبعد ثورة 14 تموز توسعت الأقسام الداخلية وصار لبعض الكليات أقسامها أيضا. كما أن بعض المدارس المتوسطة والثانوية في مراكز المحافظات قد أنشأت فيها هي الأخرى أقسام داخلية لتستقبل التلاميذ من أبناء القرى والنواحي التي لا توجد فيها مدارس متوسطة وثانوية ولا يستطيع أهاليهم إرسالهم للدراسة في مراكز المحافظات على نفقتهم الخاصة. وكان الطعام يقدم للتلاميذ في تلك الأقسام .
أما بعد ثورة السابع عشر من تموز فان أمر الأقسام الداخلية معروف. فقد توسعت تلك الأقسام لتشمل طلبة كل الجامعات تقريبا. وبنيت أقسام داخلية مثالية تعد من أرقى الأقسام في العالم. وتوفرت مطاعم طلابية بأسعار زهيدة، وفوق ذلك فان الدولة صارت تقدم الرواتب والمنح الشهرية لعدد كبير من الطلبة. وربما فاق ذلك ما كان يقدم للطلبة الدارسين في أغنى الدول الاشتراكية في العالم .
وبسبب ظروف الحرب تقلصت الأقسام الداخلية حتى تمت تصفيتها تقريبا. وقد عانى الطلبة في بداية الأمر من ذلك كثيرا وخاصة الطالبات، مما أدى إلى الإسراع في تشكيل جمعية تعاونية لأسكان الطلبة. أن المشكلة قد حلت نسبيا على الرغم من أن الإسكان لا يزال يقتصر على الطالبات. كما أن التسهيلات والخدمات المقدمة فيها مما لايمكن مقارنته بما كان يقدم في الأقسام الداخلية الحكومية، أما الأجور المستوفاة فهي تتراوح بين 250-300 دينارا في السنة، وهذا المبلغ لا تقوى على دفعه عوائل ذوي الدخل المحدود. لما يتبعه من انفاقات أخرى على المأكل والملبس والنقل وغيرها، مما جعل دراسة أبناء تلك العوائل في غير محل سكناهم مشكلة ثانية تضاف إلى مشاكل ارتفاع الأسعار وتناقص القوة الشرائية للدخول. وقد خفف تلك الأزمة قليلا منح الطلبة المجدين رواتب شهرية مكنتهم من سد بعض الاحتياجات.
ولكن المشكلة لاتزال قائمة. فالأقسام الداخلية ليست كافية ولم تتسع لجميع الطلاب بعد. وان الكثير منهم يأوون إلى فنادق الدرجة العاشرة، كما أشارت إلى ذلك جريدة (الجامعة). كما إن الخدمات المقدمة في الأقسام الحالية ليست بالمستوى المطلوب.
إن الظروف التي أدت إلى تقليص الأقسام الداخلية وتصفيتها قد تغيرت نسبيا فان من الممكن الآن أن يتوسع السكن التعاوني ليشمل الطلاب والطالبات و تأخذ الجامعات دورها و مسؤولياتها في هذا المجال بحيث يكون لكل جامعة أقسامها الداخلية تساهم ببعض تمويلها والأشراف عليها، فتكون فيها الأسعار معقولة من ناحية وتتوفر فيها الخدمات المطلوبة من ناحية أخرى. وتكون العوائل أكثر اطمئنانا على أبنائهم و بناتهم في سكنهم من ناحية ثالثة.
لقد اهتمت الثورة بعوائل ذوي الدخل المحدود وابنائهم لتضحياتهم الكبيرة في الدفاع عن الوطن. ولعل حاجة أولئك الأبناء إلى الأقسام الداخلية تزداد يوما بعد يوم، وأملنا أن تلبي الثورة تلك الاحتياجات.
نقحت في31-1-90
وفي 2-9-2000
من الملاحظ أن بعض الكتب الجامعية التي شجعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات تأليفها و نشرها قد ظهرت بشكل غير متكامل، كما أن بعضها لا يخلو من أخطاء علمية ( والكلام عن الكتب التي تقع في دائرة اختصاصي وبعض الاختصاصات الأخرى التي تيسر لي الاطلاع عليها، وربما لا يكون الحال بأفضل من ذلك بالنسبة للاختصاصات الباقية كما أن الحد يث لا يخص السلامة اللغوية التي يجب أن تتوفر في كل كتاب. ولعل أهم الأسباب هي:
ورغبة في تحقيق مستوى جيد للكتاب العلمي بأقل قدر من الأخطاء أرى أن يجري النظر في الأمور التالية:
أولا :عدم حمل المؤلفين على التأليف المشترك إلا إذا كانت لديهم الرغبة المشتركة في التأليف ويوجد بينهم من يتحمل المسؤولية العلمية للكتاب كله، و يفترض فيه أن يكون أكثرهم علما وتجربة، يعترف له زملاؤه في التأليف بالعلم والمعرفة، ويميزونه بينهم كرئيس للمجموعة.
ثانيا: ولتحقيق تقويم سليم للكتب العلمية يفضل أن يمر ذلك من خلال ما يلي:
ثالثا: رغبة في تطوير الكتب العلمية ورفع مستواها وتنقيتها من الأخطاء والهفوات يجب أن يفتح باب النقد العلمي الموضوعي للكتب المنهجية والمساعدة على مصراعيه وتشجيعه وتيسير وسائل نشره من خلال الإجراءات التالية:
رابعا: لتحقيق السلامة اللغوية تعين اللجنة خبيرا لغويا لكل كتاب تتحمل الجامعة مكافأته.
وأخيرا أرجو أن تحظى هذه المقترحات بما تستحق من اهتمام. والله من وراء القصد.
12-2-1986
بعد انتهاء الامتحانات النهائية في المعاهد والكليات يتواصل إعلان النتائج، وفي مقدمتها الصفوف المنتهية، ومعها تعلن مراتب الخريجين الأوائل على الأقسام والكليات والمعاهد. ويتم اختيار الخريج الأول في كل كلية أو معهد اعتمادا على أعلى المعدلات، بغض النظر عن عدد الأقسام، واختلاف موضوعاتها، وعدد تلك الموضوعات. وقبل ذلك كان يجري اختيار الطالب الأول على الجامعة كلها على الأساس ذاته رغم تعدد الكليات وتعدد الاختصاصات.
إن مثل هذا الإجراء لايمكن أن يكون مقبولا من الناحية العلمية، إضافة إلى آثاره السلبية على نفوس الطلبة، المتميزين منهم بوجه خاص. وقد ناقشت هذا الموضوع على صفحات إحدى* الجرائد قبل عدة أعوام، حيث أوضحت يومها : " أن اختيار الطالب الأول بين أية مجموعة من الطلبة يجب أن يعتمد على (أركان) ثلاثة لكي يكون الاختيار صحيحا، وهذه الأركان هي: أن يكون مجال المنافسة واحدا لجميع الطلبة، ويستخدم لقياس التقدم والنبوغ فيه مقياس واحد يطبق على الجميع، ويقوم بالتحكيم هيئة واحدة.
"وواضح أن هذه الأركان الثلاثة غير متوفرة في اختيار الطالب الأول على مستوى الجامعة وهيئة التحكيم ليست واحدة بسبب تعدد واختلاف الاساتذه. والمقياس - نظام الدرجات - الذي يبدو واحدا لأول وهلة لغير المتخصصين، هو ليس كذلك. فالطالب الذي يحصل على معدل (95) في قسم معين قد لا يكون أفضل بين أقرانه من طالب آخر حصل على (92) في قسم آخر. فالمستوى العلمي لكل طالب يتوقف على المتوسط العام لمعدلات الطلبة (وسطها الحسابي) وعلى متوسط اختلافاتها عن بعضها (انحرافها المعياري). فإذا كان الوسط الحسابي لمعدلات الطلبة في القسم الأول هو (85) وانحرافها المعياري (5) والوسط الحسابي في القسم الثاني هو (80) والانحراف المعياري (4)، فان مستوى الطالب الذي معدله العام (95) يعني أن هذا الطالب هو فوق المتوسط ب(10) درجات، أي ب(2 ) من الانحرافات المعيارية، بينما الطالب الآخر في القسم الآخر هو فوق المتوسط ب(12)درجة، أي ب(3 ) من الانحرافات المعيارية، فانه بين أقرانه أفضل من الطالب الأول، رغم أن معدل الأول هو (95) ،الثاني (92). وبعد كل ذلك خلصت إلى القول : " أنه من الصحيح علميا اختيار وتكريم الطالب الأول في القسم أو الفرع العلمي الواحد... إذا كان يضم اختصاصا واحدا، اذ من الغبن لبقية الطلبة المجدين اختيار طالب أول واحد لجميع الاختصاصات.
"إنني لا أعرف بالضبط صدى تلك المقالة أو تأثيرها، ولكن الذي اعرفه جيدا، إن الجامعات توقفت بعد ذلك عن اختيار الطالب الأول في الجامعة. فهل كان لمقالتي تلك دور في ذلك؟ ربما.ولكن اختيار الطالب الأول على مستوى الكلية ظل قائما. وهذا الإجراء لا يصح إلا إذا كانت الكلية تخرج اختصاصا واحدا، كما هو الحال في كلية الطب وطب الأسنان على مستوى الشهادة الجامعية الأولية. أما إذا زادت الاختصاصات عن ذلك، فهناك طالب أول في كل اختصاص، ويتعدد الطلبة الأوائل بتعدد الاختصاصات، ولم تنفع مقالتي الثانية** التي نشرتها لتصحيح هذا الخطأ.ليس في نيتي الآن أ ن أناقش الموضوع من الناحية العلمية كما ناقشته من قبل. إنني فقط أريد أن أذكر عسى أن تنفع الذكرى. وليس لي في هذه العجالة إلا أن أعيد بعض ما تضمنته مقالتي الثانية حيث قلت:
"فكما أن الجامعة لايمكن أن يكون فيها طالب أول واحد، كذلك الكلية لا يجوز أن يكون فيها طالب أول واحد، إذا كان فيها أكثر من قسم علمي، وتمنح أكثر من شهادة في فنون المعرفة.
""...من العدل، أقصد من الصحيح علميا، أن يكون الطلبة الأوائل بقدر عدد الفروع العلمية التي فيها." ترى هل بلغت ؟ اللهم اشهد.
*الجمهورية، العدد 2366، الاثنين 23-6-1975، ص 6-7
** الجمهورية، العدد 4678، الأربعاء 23-6- 1982، ص 3.
- لقد ظلمتنا يا دكتور. قلت:
- معاذ الله. وان حصل ذلك فانه لم يكن قصدي. ولكني أسألك فأجبني بصراحة ( وأعرف أنه رجل صادق ): ألا تشعر أنك أفضل من زملائك خريجي الجامعات الإنكليزية ؟ أجاب دون تردد:
- بالطبع ،نحن ندرس (كورسات) في الدكتوراه، وهم يعتمدون على البحث فقط. قلت:
- هذا ما أردته بمقالي. إنه ليس (تفوقا علميا) – كما تظن – وانما هو (غرور علمي). وقد يكون بين خريجي الجامعات الإنكليزية من هو أفضل منك.
-وبالطبع هو لم يقتنع برأيي، ولم أقتنع أنا بوجهة نظره. وانصرف كل منا الى ما يشغله من شؤون.
وللحقيقة أقول إنني لم أرد الإساءة إلى أحد في مقالتي المذكورة، وانما هناك حالة سلبية قائمة أردت معالجتها أو التخفيف من أثرها، في الأقل. وكما كان المتوقع، فقد كانت لها ردود فعل مختلفة. ومنها النموذج الذي أثبته في صدر هذا المقال. ولكن الردود والتعقيبات المكتوبة كانت أقل. فقد نشرت "الجامعة" مقالين فقط(في 28-3-90) يمثل كل منهما وجهة نظر مختلفة. ولا أدري إذا كانت هناك ردود وتعقيبات أخرى رأت "الجامعة" أنها ممثلة لوجهتي النظر في المقالين المذكورين فأمسكت عن نشرها، أم أن ما نشر هو كل ما كتب.
لقد كانت المقالة الأولى للزميل الفاضل كمال رشاد الراوي، وقد افتتحها بالقول: " لقد كان محور وخلاصة مقالة الدكتور عبد الحسين زيني بأنه لا يوجد اختلاف في المستويات العلمية للأساتذة على أساس الدول التي تخرجوا منها."
ولا أدري لماذا فهم الزميل الفاضل ما كتبت على هذا الوجه. فإنني لايمكن أن أقول بذلك لأن الاختلاف في المستويات العلمية للخريجين في القسم الواحد وفي السنة الواحدة قائم ولا يمكن إنكاره، ناهيك عن خريجي الأقسام المختلفة في الجامعات المختلفة. إن ما تحد ثت عنه شيء آخر، وأرجوه أن يعيد قراءة مقالتي، وشكري له في الحالتين.
قريبا تبدأ الامتحانات النهائية في الجامعات وبعض المراحل الدراسية في المدارس، وخاصة الامتحانات العامة.ونظرا للفترة الطويلة التي قضيتها في التدريس ومراقبة الممتحنين، أود الإشارة إلى ظاهرة عانى منها الطلبة كثيرا وأثرت على إنجازاتهم الامتحانية. قريبا تبدأ الامتحانات النهائية في الجامعات وبعض المراحل الدراسية في المدارس، وخاصة الامتحانات العامة.ونظرا للفترة الطويلة التي قضيتها في التدريس ومراقبة الممتحنين، أود الإشارة إلى ظاهرة عانى منها الطلبة كثيرا وأثرت على إنجازاتهم الامتحانية.
فمن المألوف أن تجد في بعض قاعات الامتحان عددا من الطلبة يتألمون ويتأففون. وعند الاستفسار عما يقلقهم يجيبون : بأن هذا السؤال أو ذاك يعرفونه جيدا. وقد سبق أن راجعوه في الليلة الفائتة أو قبل الدخول إلى القاعة. وحتى أن بعضهم يدعي بأنه قد قام بحل السؤال أو شرحه لزملائه ومع ذلك فانه الآن لا يتذكر منه أي شيء، : كأن تفكيره قد توقف عن العمل ولا ينفع ما يبذله من جهد أو كد للذهن.
وعند ما نسأل مثل هؤلاء الطلبة : هل نمت جيدا في الليلة السابقة يجيبك دون تردد : إنه لم ينم سوى ساعتين، أو أنه لم ينم أصلا. والسبب – كما يتردد عادة – بأنه لم يستطع أن يكمل المراجعة، فكيف يمكنه النوم في مثل هذه الحال ؟
و هناك بعض الطلبة اعتادوا في فترة المراجعة والتحضير للامتحان، أن يقرأوا في ساعات الليل، حيث الهدوء والو المعتدل. وعندما يقترب الصباح يكون قد أصابهم التعب، فيذهبون إلى النوم وهكذا يتحول نهارهم إلى ليل وليلهم إلى نهار.
وحينما يبدأ الامتحان يستمرون على نفس الشاكلة، يقرأون الليل كله لكن في الصباح عليهم الذهاب لاداء الامتحان، وهنا تقع الطامة الكبرى، لأنهم الآن في أقصى درجات التعب والنعاس.
إن الذي يجب أن يعرفه هؤلاء وأولئك هو أن ما يحتاجه الطالب لأداء الامتحان هو صفاء الذهن والقدرة على التذكر. إن (القدرة على التذكر) هي الركيزة الأولى في الأداء الجيد في الامتحان وليس عدد مرات مراجعة مادة الامتحان، إن حفظ المادة إلى حد الإتقان لا ينفع كثيرا إذا كان الممتحن قد جاء إلى القاعة بعد سهر طويل وبلغ منه التعب مبلغه فلا يستطيع أن يتذ كر شيئا مما قرأ. أما أولئك الذين اعتادوا أن يسهروا في الليل ويناموا في النهار فان عليهم أن يغيروا نمط حياتهم قبل يومين من بدء الامتحان، وذلك بان يذهبوا إلى النوم المبكر والاستيقاظ من ساعات الصباح الأولى التي هي أحسن الساعات للدراسة والاستيعاب.
أما ليلة الامتحان فان النوم المبكر أمر لا مفر منه، حتى وان لم يستطع إكمال قراءة المقرر. إن النوم ساعات كافية ربما لايقل عن ست ساعات سيعيد للممتحن نشاطه ولياقته البدنية والنفسية، ويمكنه من تذكر ما قرأ وسمع من محاضرات خلال العام. فالامتحان يعتمد على قدرة التذكر -كما قلت- وليس على عدد مرات المراجعة.
إن الطلبة يعرفون جيدا إن القدرة على الفهم والاستيعاب تتناقص عند الاستمرار على الدراسة ولذلك فهم بعد ساعات من الدراسة المتواصلة يعطون أنفسهم فترة من الراحة لاستعادة قدرتهم على التلقي والفهم. وبعكسه تكون مواصلة الدراسة دون جدوى.
وما ينطبق على الفهم ينطبق على التذكر. فمواصلة القراءة والتعب يؤدي إلى تناقص القدرة على التذكر. ولكن الطلبة لا يعيرون اهتماما لذلك. وليس لديهم الوضوح التام بأن الأداء ي الامتحان يحتاج إلى القدرة على التذكر أكثر من الحاجة إلى عدد مرات المراجعة.
فقد يتذكر الطلب في ساعة الامتحان إذا كان صافي الذهن، مستريحا، موضوعا سبق إن سمعه أو قرأه في بداية العام الدراسي، بينما لا يستطيع أن يتذكر شيئا مما قرأه ليلة الامتحان عندما يكون متعبا لم يأخذ قسطه من النوم والراحة.
ولذلك فعلى الطلبة عندما يؤدون امتحاناتهم أن يهيأوا أنفسهم لأن يذهبوا إلى الفراش قبل انتصاف الليل ولا يغادروه إلا بعد أن يأخذوا قسطهم من النوم والراحة الكافية لأن الأداء الجيد في الامتحان يعتمد على قدرتهم على التذكر. وتمنياتي لهم بذاكرة جيدة ساعة الامتحان.
الجزء |
عدد |
مجموع |
الجزء |
عدد |
مجموع |
1 |
32 |
32 |
11 |
96 |
480 |
2 |
40 |
72 |
12 |
71 |
551 |
3 |
45 |
117 |
13 |
45 |
596 |
4 |
62 |
179 |
14 |
45 |
641 |
5 |
39 |
218 |
15 |
39 |
680 |
6 |
24 |
242 |
16 |
50 |
730 |
7 |
61 |
303 |
17 |
83 |
813 |
8 |
17 |
320 |
18 |
91 |
904 |
9 |
24 |
344 |
19 |
123 |
1027 |
10 |
40 |
384 |
20 |
44 |
1071 |
1- آدم بن أحمد بن أسد الهروي: أبو سعيد اللغوي. حاذق ومناظر، من أهل (هرات) سكن (بلخ). كان أديبا فاضلا، عالما بأصو ل اللغة، حسن السيرة، قدم بغداد حاجا سنة 520 ومات في 25 شوال سنة 536. ولما ورد بغداد اجتمع إليه أهل العلم وقرأوا عليه الحديث والأدب.
2- أبان بن تغلب الجر يري: أبو سعيد البكري. ذكره أبو جعفر الطوسي في مصنفي الأمامية. مات سنة 141. كان ثقة عظيم المنزلة، لقي أبا محمد علي بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد الله (ع) وروى عنهم. وكانت له عندهم حظوة. قال له أبو جعفر : اجلس في مسجد المدينة، وأفت الناس، فاني أحب أن أرى في شيعتي مثلك. كان قارئا فقيها، لغويا، سمع من العرب وحكى عنهم. صنف كتاب (الغريب في القران) و (الفضائل).
18- إبراهيم بن عبد الله الغزال اللغوي : يقول الحموي أنه لا يعرف عن حاله شيئا، وروى له بيتين من الشعر نقلهما عن السلقي.أما آخر مترجم فقد كتب عنه:
1071- يونس بن إبراهيم الوفراوندي: صنف (الشافي في علوم القرآن ) و ( الوافي في العروض والقوافي)
ومن الجدير بالإشارة أن هناك أوراقا من الكتاب ساقطة، كما يبدو، فلم أعثر على ترجمة للمتنبي (أحمد بن الحسين ) ومكانه في الجزء الثاني. أو أبي نؤاس (الحسن بن هاني) ومكانه في الجزء التاسع، وربما غيرهما أيضا. كما أشير في الجزء الثاني عشر إلى هناك 65 صفحة ساقطة من النسخة الأصلية.
جاءني يسعى لاهثا، ولما رآني انطلقت أساريره وقال قبل أن يأخذ مقعده إلى جانبي :جاءني يسعى لاهثا، ولما رآني انطلقت أساريره وقال قبل أن يأخذ مقعده إلى جانبي :
- الحمد لله إني وجدتك أخيرا. لقد بحثت عنك في جميع جهات الدنيا. قلت
- لك أن تحمد الله حقا لأنك كنت تبحث عني في هذه الدنيا. ولو بحثت عني في الآخرة لما وجدتني أبدا، لأنك كنت بومها في النار وأنا في الجنة. قال :
- لا تمزح. فأنا أحمل إليك قصة واقعية أريدك أن تكتبها بأسلوبك على لساني. قلت :
- قصة! لاعهد لي بك مؤلفا للقصص. أخبرني كيف ومتى حصل ذلك ؟ وعمن؟
- عن محرك معطوب !
- أن الناس تكتب القصص عن المغامرات العاطفية أو البوليسية وما شاكل، وما سمعت أن أحدا كتب قصة عن ماكنة أو محرك، وفوق ذلك : معطوب! قال:
- إنها قصة تستحق الكتابة. فقد عانيت كثيرا من هذا المحرك. وقد علمت أن آخرين قد عانوا أيضا من محركات مماثلة. قلت :
- حسنا سأكتب، ولكن على مسئوليتك، لكي لا تورطني مع من ستأتي على ذكرهم في القصة، إ ني أعرفك تبحث عن المشاكل. قال:
- موافق. علما أنني لا أريد الإساءة إلى أحد أو التشهير به.إنني فقط أريد التنفيس عن معاناتي، وذلك بان يشاركني الناس همومي بعد الاطلاع عليها. قلت :
- حسنا. أنا أولهم. هات ما عندك.
* * *
إعتدل صاحبي في مجلسه وبعد فترة صمت قصيرة أطلق زفرة من أعماق صدره حسبت أن روحه تخرج معها، ولكن الله ستر، وشرع يروي قصته مع محركه المعطوب :
عند ما أعلنت ( الأسواق المركزية) عن بيع بطاقا ت السلع الدائمية لم أحفل بذلك ولم أهتم بشراء أي منها. فلدي الثلاجة والمجمدة والمبردة وكل السلع الأخرى التي أعلن عنها. فلماذا اذن أنافس الآخرين ممن يحتاجون إلى تلك السلع. وحتى عندما طرق سمعي بان هذه السلع تباع في السوق بأضعاف ثمنها فلم أتحمس للشراء لأنني لا أرغب في الكسب عن هذا الطريق، وأضيف نفسي إلى قائمة ( الدلالين ) و (الدلالات) الذين يتعاطون بيع وشراء سلع الأسواق المركزية.
و حصل بعد ذلك ما جعلني أسرع في شراء البطاقات. فقد سمعت أن بعض الناس قد احترق لديه محرك (ماطور) المبردة أو المجمدة وبقي حائرا، وإن وجده في السوق فبسعر كامل المبردة نفسها. و خشية إن أقع في مثل هذا المحذور سارعت إلى شراء بطاقة المجمدة، وأخرى للمبردة. ولكن المحذور الذي خشيت منه قد وقع. ففي عز الصيف احترق محرك المبردة، قبل إن يسعفني الحظ بالحصول على المبردة، رغم مرور سحبتين أو أكثر. ولم يكن أمامي سوى شراء المحرك بسعره المرتفع. ولكن أحد معارفي من الوكلاء أنجدني في اللحظة الحرجة فجلب لي واحدة بالسعر الرسمي.
وفي أواخر الصيف حيث لم يعد لي حاجة إلى المبردة جاءتني السحبة بالبشرى، فماذا أعمل بها؟ وظللت أتلكأ في الدفع والاستلام. وبعد تماهل طويل دفعت ثمن المبردة وكان ذلك في أواخر كانون الأول. ولما ذهبت بعد أسبوع أو أكثر للاستلام قالت الموظفة في المخزن :
- انك دفعت المبلغ في السنة الماضية. ونحن الآن في أواخر كانون الثاني من السنة الجديدة. يجب أن تعود إلى الأسواق مرة أخرى لإلغاء قائمة الدفع هذه وتنظيم قائمة جديدة بتاريخ هذا العام. قلت لصاحبي :
- لابد انك حاولت إقناعهم بان هذه تعقيدات لامبرر لها ،إن الأنظمة المحاسبية التجارية منها والحكومية لا تلزم مثل هذه الإجراءات، فلم هذا التعب وإيذاء الناس؟ أجاب- لقد قلت كل ما يلزم قوله في مثل هذه الأحوال. ويأتي الجواب المسكت: هذه هي التعليمات.
على أية حال عدت أدراجي أجر أذيال الخيبة. ومن حسن حظي أنني أمتلك سيارة أوصلتني إلى المكان النائي الذي فيه المخازن و إلا لأضطررت إلى دفع مبلغ غير هين من المال أجرة (التاكسي) في الذهاب والإياب عدا الجهود التي بذلتها في البحث عن المخازن التي لم أكن أعرف مكانها من قبل.
وبعد أيام عدت إلى الأسواق المركزية لتغيير القائمة. كانت سحبة جديدة قد أجريت، وكان الزحام على أشده هناك من الرابحين الجدد الذين يرغبون في الدفع والاستلام بسرعة. ولا أدري إذا كان الجميع هم فعلا بهذه الحاجة الماسة للسلع، أم أن لذلك سبب آخر.
خف الزحام بعد أسبوعين أو ثلاثة ،فراجعت الأسواق مرة أخرى، وكان عدد المراجعين قليلا جدا، فلم أبذل أي جهد في تغيير القائمة، ويظهر أنهم قد اعتادوا على ذلك فلم يبدوا أي استغراب أو تذمر. وقررت هذه المرة إن استلم المبردة قبل نهاية العام لئلا أعود إليهم مرة أخرى.
وللحقيقة أقول إن العاملين كانوا طيبين جدا، فقد أخبروني إن المخازن قد انتقلت من مكانها على (القناة) إلى(الزعفرانية) وبذلك وفروا عليّ جهدا في الذهاب إلى المكان الأول فلم أفاجأ بهذا الأنتقال.
* * *
كان يوم 27- 3 يوما مشهودا عندما ذهبت لاستلام المبردة وجلبها إلى البيت وخاصة إنها بحجم 4500 قدم وهي من الألمنيوم الكامل غير القابل للصدأ. وبعد شهر من هذا التأريخ وضعت المبردة موضع العمل. فقد قررنا إستبدال مبردتنا القديمة الثانية بهذه المبردة الجديدة التي أتاحتها سحبة الأسواق المركزية. وهنا كانت المفاجأة. فلم يكن تشغيلها تشغيل مبردة اعتيادية وانما معمل للنسيج أو معمل للطحين من حيث الجعجعة و الضوضاء. وتم إيقاف المبردة و أجري الفحص. وإذا أحد القواطع قد أخطأته مسامير(البر جيم)، فهي سائبة. والقاعدة التي يستقر عليها المحرك غير ثابتة. والأبواب ليست بقدر فتحاتها، فهي تتحرك عند التشغيل وتصدر أصواتا مزعجة. وعلى العموم فان الصفائح التي صنعت منها المبردة ليست سميكة. فعند التشغيل تهتز المبردة و تتحرك الأبواب وترتفع الضوضاء من كل مكان. والأهم من كل ذلك أن خراطيم (صوندات) الماء لم تكن محكمة، فقد تدفق منها الماء بجوار المحرك، ولكن الله ستر، ولم يحترق المحرك.
وكما تعلم – يا صاحبي – فانني امتلك عدة كاملة في البيت، من المثقب الكهربائي إلى المطرقة والمفل (الدر نفيس) وغيره. وبدأت في الشد والتثبيت. ورغم إن الضوضاء قد انخفضت إلى النصف، الا أنها لاتزال ضعف صو ت المبردة القديمة التي لولا بعض الصدأ الذي بدأ يتسلقها لما تم استبدالها. ولم يمض أسبوعان حتى سكنت الضوضاء مرة واحدة. لقد توقف المحرك عن العمل. ومن حسن ا لحظ أننا لم نتخلص من المبردة القديمة. فتحنا محركها وربطناه مكان محركها الجديد المتوقف. قلت :
- كأنك لا تعرف إن التصليح أو الاستبدال يكون لدى الشركة الصانعة وليست لدى الأسواق المركزية التي مهمتها البيع فقط. قال:- والله لا أدري. ولو كنت أعرف لأغناني ذلك عن بعض الجهد.
- اذن توجهت من هناك إلى مقر الشركة
- لا والله. لأنني لم أكن أعرف مكان الشركة. فاتني أن اسأل عن مكانها في الأسواق. فبحثت عن العنوان في ورقة الضمان فلم أعثر على شيء حتى ولا على رقم الهاتف. فبدا لي إن أقلب (الكتلوك) فوجدت رقم الهاتف منزويا في إ حدى صفحاته، فاتصلت بالشركة.
وعلى غير ما كان متوقعا كان الهاتف لطيفا معي فأوصلني إلى ما أريد بسرعة كما كانت موظفة البدالة اكثر لطفا فأعلمتني بموقع الشركة ومواعيد المراجعة، وأخبرتني بجلب المحرك لتصليحه أو استبداله، مع ضرورة جلب ورقة الضمان. قلت:
- ألا ترى إن الدنيا لاتزال بخير وان النظارات السوداء التي ترتديها هي سبب التشاؤم وتوقع المتاعب. أجاب :
- ليس السبب نظارات سوداء أو سمراء، وانما هي التجارب المرة والمعاناة. وعلى أية حال انتظر واسمع:
- حسنا
- نظرا لعدم معرفتي الدقيقة بموقع الشركة قررت الذهاب إلى المخزن الذي استلمت منه المبردة، وهناك أعلموني بمكان الشركة بدقة.
* * *
ولما وصلت أوقفت السيارة وذهبت إلى موظف الاستعلامات، وبعد تحيته اخبرته بالأمر. قال:
- أين المحرك؟
- في السيارة
- هل جلبت ورقة الضمان ؟
- نعم
- اجلبه اذن.
وفي أثناء دخولي وخروجي رأيت أكثر من واحد يحمل محركا معطوبا. وعلى أية حال جلبت المحرك من السيارة، وأنا أكاد أشعر بقليل من الفرح بأن متاعبي قد أثمرت وأنني سأعود بعد قليل إلى الدار ومعي محرك صالح للاستعمال. قلت :
- وهل هذه مقدمة لتقول : أن ذلك لم يحصل؟
- بالطبع لا.
- ولماذا بالطبع؟
- لأنني ما أن وضعت المحرك أمام موظف الاستعلامات حتى قال:
- يجب أن تذهب إلى البيت وتجلب القاعدة.
- عجيب ! ولماذا القاعدة ؟ أنني أريد استبدال أو تصليح المحرك، وليس القاعدة.
- لايمكن ذلك لأن رقم المحرك ملصق على القاعدة وهو الرقم الذي يجب إن يطابق الرقم الموجود على ورقة الضمان.
- ولماذا وضعتم الرقم على القاعدة وليس على المحرك نفسه. ثم كيف يتبادر إلى ذهن الشخص بضرورة جلب القاعدة إذا كان يريد تصليح المحرك؟ ومن الناحية الأخرى ألا يجوز أن يجلب الشخص محركا آخر غير المحرك الأصلي ويضعه على القاعدة المطلوبة. أجاب الموظف وهو يقطع الطريق عليّ من جميع وجوهه:
- كل هذا الكلام لاينفع. ولا يمكن القيام بأي إجراء إذا لم تجلب القاعدة ،لأن المحرك البديل الذي سيعطى لك سيكون مع القاعدة
* * *
خارت قواي أمام هذا الحوار اليائس، فتهاويت على (القنفة) نصف المحطمة من كثرة الاستعمال، رغم أنها ليست قديمة، وظللت لحظات صامتا لا أدري ماذا أفعل هل صحيح أن علي أن أعود إلى البيت و أجلب القاعدة رغم المسافة الطويلة التي قطعتها في الوصول إلى هنا. ثم إن القاعدة قد ربط عليها المحرك القديم، وان المبردة تعمل الآن. وبعد إن أخذ ت بعض أنفاسي من التعب قلت للموظف، وهو قد شغل عني من كثرة المراجعين :
- يا أخي. أنني قد ( سقت) إليك مسافة 25 كم من البيت إلى هنا، فكيف تريدني أن أعود كل هذه المسافة و أجلب لك القاعدة و هي لا علاقة لها بالمشكلة. ثم من يقول إن الشركة ستستبدل المحرك، ربما ستقوم بإصلاحه، وفي هذه الحالة لا توجد حاجة إلى القاعدة. يبدو أن الموظف قد تنبه لوجودي، فقال:
لا تتعب نفسك ،لايمكن القيام بأي إجراء إلا عندما تجلب القاعدة، حتى ولو كنت قادما من الموصل، إنها التعليمات. رددت في نفسي:
إ نها التعليمات. إنكم تبيعون الناس سلعا رديئة، وبدلا من أن تعوضوهم عن متاعبهم بسبب تقصيركم تزيدون الطين بلة بمثل هذه التعليمات. ثم لماذا يجب إن يأتي كل الناس إلى هذا المكان النائي ؟ أ ليس الحق أن تأتوا أنتم إلى الدار وتستبدلوا المحرك عند تلقيكم أي إشعار بذلك. وربما تقتضي اللياقة و حسن العاملة أن تتقدموا بكلمة اعتذار عما حصل من خلل غير متوقع.
على أية حال لم يكن موظف الاستعلامات ينتبه إلى ما كنت أتمتم به، وحتى لم يكن يبال لو انفجرت من الضيق، فهو في شغل شاغل عني لكثرة المراجعين. ظللت فترة جالسا بهدوء وان كنت أتميز غيضا من التعب النفسي والجسدي. ثم لممت بعضي وحملت المحرك وخرجت من دائرة الاستعلامات دون إن يشعر بي أحد.
* * *
عدت بعد أيام حاملا معي المحرك مع القاعدة. كانت في غرفة الاستعلامات موظفة حسنة الوجه والهندام. نظمت لي الاستمارة المطلوبة التي تحتفظ بنسخ منها لديها وأخبرتني أن اذهب بالمحرك والاستمارة إلى إحدى البنايات القريبة. وبدأت رحلة الألف ميل وان كانت لاتزيدعن ألف خطوة. كانت البناية تبدو قريبة كما قلت ولكنني وأنا أحمل ثقلا لاأقوى على حمله جعلها في آ خر الدنيا. و كما تعلم فانني قد أشرفت على الستين، وكان عسيرا علي إن أقطع تلك المسافة، و أنا أحمل المحرك بين يدي، وخاصة أنني أعاني من انزلاق في بعض فقرات الظهر وآلام في المفاصل. قلت:
- لا تبالغ، فان المحرك ليس ثقيلا إلى هذه الدرجة ،كما انك لا تزال في عز الشباب.
- صحيح إن المحرك ليس ثقيلا جدا، ولكن حمله مسافة طويلة نسبيا لم يكن أمرا هينا. أما إنني لاأزال في عز الشباب فهو من باب جبر الخواطر، اشكرك عليه. ثم أسألك بالله هل يفترض إن كل من يراجع الشركة هو في حالة من القوة الجسمية والعمر بحيث يستطيع أن يحمل المحرك ويسير به هذه المسافة الطويلة. لماذا لم يفكروا بذلك ؟ قلت :
- آمل أن تكون رحلتك المتعبة قد أوشكت على الانتهاء بوصولك إلى البناية المقصودة.
- هكذا حسبت.
- وماذا تعني ؟
- أعني إن الرحلة قد بدأت من جديد
- وكيف؟
- استقبلني عند باب البناية أحد العاملين عرفت من لكنته أنه من إخواننا الأكراد. أخذ الأوراق مني ودخل في إحدى الغرف، وبعد ربع ساعة عاد بعد تأشيرها وتسجيلها وقال:
- اذهب إلى ذلك المخزن فانهم سيقومون بتبديله أو إصلاحه.
نظرت إلى المخزن وإذا به يبعد مسافة تزيد عن المسافة السابقة، فكيف أصل إليه حاملا هذا الثقل الكبير علي ! ثم كيف سأعود به من هناك إلى السيارة و تكون المسافة قد تضاعفت ثلاث مرات أو أكثر. فانفجرت متبرما شاكيا. فقد كنت في وسط الطريق، لا أنا في البداية فأعود أدراجي ولا انا أستطيع تركه، فماذا أفعل ؟ انصرف العامل عني وهو يتمتم :
- وماذا تريد مني أن أفعل لك؟
- إن يسمحوا في الأقل بإدخال السيارة.
ولكن العامل لم يسمع ما قلت، فقد ذهب إلى حال سبيله. ويبدو إن تذمري وشكواي قد أثار عطف رجل يقف إلى جانبي لم ألتفت إليه، كان في انتظار صاحبه ذهب لأكمال بعض المعاملات. قال:
- انتظر إلى إن يأتي صاحبي فنساعدك في حمله. قلت:
- هل معكم سيارة؟
- لا. وانما نحمله لك.
فشكرته على لطفه وطيبته. وحملت المحرك بين يدي وبدأت السير باتجاه المخزن. وعندما كان يرهقني التعب أضعه على الأرض وارتاح برهة ثم أعود إلى حمله مرة أخرى وأنا أردد :
مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها
ترى هل كان الشاعر يحمل محركا مثلي. أغلب الظن أنه كان يحمل هموما أكبر. أخيرا وصلت المخزن. أشار عامل يقف بالباب، أن أذهب من الباب الأخرى ،فامتثلت للأمر. والباب الأخرى غير بعيدة. وما أن وصلتها حتى قابلني عامل آخر وأشار لي أن أذهب إلى نهاية المخزن.
وهنا انفجرت مرة أخرى. لقد كان المخزن طويلا وبلغ بي التعب مني مبلغا عظيما فلم أعد أستطيع حمل المحرك والسير به خطوات قليلة. إنها القشة التي قصمت ظهر البعير. قال العامل :
- هل تريد ني أن أحمله عنك ؟ قلت وأنا آخذ طريقي إلى حيث أشار:
- أنا لا أريدك أن تحمله عني، ولكن أريد أن يكون المكان بميسور أي شخص الوصول إليه.
وهناك في نهاية المخزن جلس اثنان من العاملين يفحصون المحركات المعطوبة، وقد التف حولهم بضعة أشخاص وصلوا قبلي. وضعت المحرك على المنضدة أمامهم وأنا أقول :
- ألم تجدوا مكانا أبعد من هذا المكان لنجلب إليكم المحركات المعطوبة ؟!
نظر الجميع الي بعطف ولم يعقب أحد بشيء. يبدو أن محنتي لم تكن هي الأولى ،فلم تثر اهتماما كبيرا غير نظرة الإشفاق. ولما جاء دوري فحص العامل المحرك وقال : إنه غير صالح. وكتب على الاستمارة : يستبدل.وأشار إلى غرفة مجاورة لاستلام محرك جديد.
* * *
وفي الغرفة المجاورة قلت للموظف الذي جلست لديه لأستريح :
- لقد اشتريت مبردة في عام 1965 من الشركة العراقية، وبعد أن اشتغلت ربع قرن وتلفت المبردة لم يعطل المحرك ونقلته إلى مبردة أخرى. بينما هذا المحرك لم يشتغل سوى اسبوعين. وقد سمعت أن بعض المحركات قد عطلت في يوم تشغيلها. قال:
- إن هذه المحركات ليست من صنع الشركة، وانما نشتريها من منشأة أخرى. اما تلك المحركات فقد كانت من صنع ( وستنكهاوس)، ولكن هذه. .....وسكت كـأنه لا يريد أن يبوح سرا. قلت :
- في الأقل يجب إن يشتغل المحرك سنتين أو ثلاث، أو قل سنة واحدة، لا أسبوعين. وهنا نفد صبر صاحبي وقال:
تعال أنظر. وأشار إلى سجل بين يديه. لقد أرجعنا هذا العام 82الف محرك تعطل عند التشغيل، فماذا نستطيع أن نفعل. لقد صار الهدف من الإنتاج هو الكمية، ولكن على حساب الجودة. إن العاملين على الانتاج يريدون أن يقولوا أنهم انتجوا كذا. ولا أحد يسأل عن نوعية المنتوج وجودته.قلت :
- إنها حالة مؤسفة.
أعطاني الموظف محركا جديدا وطلب مني العودة إلى العامل نفسه لفحصه قبل استلامه، ولشد ما كانت دهشتي إن المحرك مصنوع بامتياز ومواصفات محركات وستنكهاوس. وبعد إجراء الفحص سلمني المحرك ولكنه لم يعد لي ورقة الضمان. قلت له:
- لماذا احتفظت بورقة الضمان ؟ وماذا أفعل لو تعطل هذا المحرك بعد اسبوعين أيضا ؟ أجاب مازحا :
- هل تعرف سوق ( مريدي)؟ قلت:
- لا أعرفه، ولكني سمعت به
- إذا عطل المحرك مرة أخرى فاذهب إلى هناك واشتر واحدا بسعر (السوق).
حملت المحرك على صدري هذه المرة لأنه كان داخل علبة كارتونية وانا أفكر بسوق مريدي الذي سأذهب إليه لشراء محرك بعد أسبوعين عندما يعطل هذا المحرك أيضا. ثم بدرت إلى ذهني فكرة:
- لماذا لا أذهب إلى سوق مريدي بائعا وليس مشتريا، لأبيع هذا المحرك قبل أن يعطل. ولكن كيف لي أن أفعل ذلك؟هنا قلت لمحدثي :
- اته لمنظر جميل أن أراك واقفا في سوق مريدي الذي لم أره انا أيضا، ولابد أنه يشبه سوق (الغزل)، وانت تحمل بين يديك محركا تساوم عليه.
- على أية حال انني لن أفعل ذلك لأنني لا أستطيع فعله. وفوق ذلك كيف أبيع سلعة أعرف مسبقا أنها رديئة، ولو كانت صالحة لاحتفظت بها لنفسي. أ ليس ذلك هو الغش بعينه؟! ومن غشنا ليس منا.أجبت مازحا:
- يبدو أنك قد صرت من عباد الله الصالحين، على غير عهدي بك. قال:
- ولكنك كعهدك بي، شعاري :الدين المعاملة. أنا لا أردد ذلك بالأقوال، أمارسه بالأفعال. قلت:
- هذا صحيح. ولكن دعك من هذا، واخبرني : ماذا فعلت بالمحرك الجديد؟ وكيف تعمل مبردتك الجديدة ؟ قال:
- إن مبردتي الجديدة تعمل بمحرك قديم، على طريقة زرع القلو ب. أما المحرك الجديد فهو في علبته الكارتونية محفوظ إلى ما شاء الله.
نقحت في 19- 6- 90
يعرف المتخصصون و غيرهم أن التاجر يهدف من وراء نشاطه الاقتصادي إلى تحقيق أكبر قدر من الربح. ولا لوم عليه في ذلك. فالتاجر واحد من البشر.
وهذه هي طبيعتهم. ولا نطلب من أحد محاسبة التاجر إذا كان عمله منسجما مع القانون. ولكن بعض التجار يبحثون عن أرباح إضافية لا يسمح لهم القانون بها ويحاسبهم عليها. يعرف المتخصصون و غيرهم أن التاجر يهدف من وراء نشاطه الاقتصادي إلى تحقيق أكبر قدر من الربح. ولا لوم عليه في ذلك. فالتاجر واحد من البشر. وهذه هي طبيعتهم. ولا نطلب من أحد محاسبة التاجر إذا كان عمله منسجما مع القانون. ولكن بعض التجار يبحثون عن أرباح إضافية لا يسمح لهم القانون بها ويحاسبهم عليها.
ومن هؤلاء وكلاء القطاع الاشتراكي الذين يخفون السلع ويبيعونها بأعلى من أسعارها. وتحاول أجهزة الدولة المختصة أن تمنعهم من الكسب غير المشروع، و قد تفلح أحيانا وقد لا تفلح. لأن الدولة لا تستطيع أن تعين مراقبا على كل وكيل – كما أشار إلى ذلك السيد وزير التجارة، في ندوة تلفزيونية.
وحتى لو تم تعيين مراقب على كل وكيل فمن ذا الذي يضمن أن لا يتشارك بعض الوكلاء مع بعض المراقبين ويتقاسمون الأرباح الإضافية. وبذلك تكون الخسارة مضاعفة، البضاعة التي بيعت بغير سعرها، وذمة التاجر والمراقب معا.
إن كل ما سبق واضح ومفهوم، ولا أحسب أنه يحتاج إلى نقاش.
ولكن الذي ليس مفهوما هو ما ذكره السيد رئيس غرفة تجارة أربيل من أن الغرفة عملت (بالتعاون مع مجلس إدارتها وتجار محافظة إربيل على تخفيض الأسعار لسلع النشاط التجاري، المستوردة منها والمنتجة محليا بنسبة 30 إلى 50%) (جريدة " الإتحاد" في5-2-90)فهل من المعقول أن يخفض التجار أسعار السلع المحلية والمستوردة بهذه النسب العالية؟ ولأي سبب؟ وإذا كان ذلك حقا، فكم هو عدد التجار الذين قاموا بالتخفيض، من منتسبي الغرفة البالغ عددهم 11813 تاجرا وما هي عدد وأنواع السلع التي شملها التخفيض، وهل كان ذلك لفترة زمنية محدودة، ثم عادت الأسعار إلى سابق عهدها، أم أن التخفيض كان دائميا؟
فإذا كان ما أشار إليه السيد رئيس الغرفة صحيحا فإننا سنشد الرحال من بغداد إلى اربيل لشراء بعض السلع التي نحتاجها بنصف سعرها، أو بثلثي سعرها في الأكثر. وكل ما نرجوه أن لا يكون السيد رئيس الغرفة قد (ورّطنا) إذا جئنا إلى أربيل، فلا نحن أفلحنا بشراء السلع التي نريد بالأسعار المخفضة ولا نحن نعمنا براحة البال في بيوتنا، بعيدا عن متاعب السفر و مشقة البحث عن الاحتياجات.
* * *
ولكن الذي يثير الإستغراب في هذه التخفيضات، إن صحت، هو هل أن السلع صارت تباع بخسارة بعد التخفيض، أم لا يزال هناك بعض الربح يحصل عليه البائع ؟ إن البيع بخسارة أمر غير وارد بالطبع، ولن يرضى به أحد، لا التاجر ولا غرفة التجارة ولا حتى المشتري. ولابد أن سعر السلعة بعد التخفيض لا يزال يتضمن نسبة من الربح، لنقل أنها10%، وهي أوطأ نسبة يمكن أن يرضى بها تاجر. فالثلاجة التي سعرها 1000 دينار قد خفضت بنسبة 50% سيكون سعرها بعد التخفيض هو 500 دينار. وإذا كان في هذا السعر لا يزال 10%من الربح أي ما يساوي 50 دينارا تقريبا فمعنى ذلك أن التاجر كان يفرض سعرا يتضمن ربحا يزيد عن 120%، أي أن سعر البضاعة 450 دينارا وكان يبيعها ب 1000دينار فيربح 550 دينارا (550/450×100% =122%) وهي نسبة عالية تستدعي الإجراء المناسب.
والإجراء المناسب في نظرنا ليس في تقليص النشاط الخاص الذي نراه كما تراه الدولة ضروريا للاقتصاد الوطني. كما لا ندعو إلى تسعير سلع النشاط الخاص لأن التسعير سيؤدي إلى إختفاء السلعة وربما بيعها بأعلى من سعرها الحالي، ما دمنا لانستطيع أن نضع مراقبا أمنيا على كل تاجر، وما دام هناك طلب على السلع تجعل بيع السلعة ممكنا بربح يزيد عن 120% من سعر كلفتها. كما أنني لا أريد أن أقول أن السيد رئيس غرفة التجارة قد أدان ضمنا تجار القطاع الخاص بأنهم كانوا يأخذون أرباحا فاحشة عند ما زعم أنهم خفضوا الأسعار بالنسب المذكورة
إن الذي أردت قوله : أن القطاع الخاص يعمل وفق أساليب وأسس معلومة ومدروسة وحسب قوانين إقتصادية ثابتة. وانه لايمكن أن يخفض أسعار سلعة بنسبة 50% لمجرد أن يأتيه إيعاز من غرفة التجارة بذلك. إن السيد رئيس الغرفة نفسه لا يبيع مكيفة الهواء ب1500 دينار إذا كان هناك من يشتريها في السوق بسعر 3000 دينار.
* * *
أنا شخصيا لاأتهم القطاع الخاص بأنه يفرض أرباحا فاحشة لايجوزله أن يفرضها. إن من يقول ذلك لايفهم طبيعة القطاع الخاص ولا طريقة عمله. إنه يريد أن يدخل القواعد الأخلاقية والاعتبارات الإنسانية على القوانين الاقتصادية التي لا علاقة لها بتلك القواعد ولاعتبارات ولا تستطيع أن تبطل عملها. فالتاجر مهما كان متدينا أو إنسانيا محبا للخير فإنه لا يبيع سلعته بأقل من سعر السوق إلا بالقدر الذي تجلب له كمية أكبر من الربح وإلا أعتبر تصرفه (غير عقلاني) ولا تنطبق عليه صفة التاجر، وقد يؤدي ذلك إلى تدهور سمعته بين زملائه التجار مما قد يقود إلى الحذر منه والتخوف من التعامل معه.
إن نسب الأرباح العالية التي نسميها فاحشة تنشأ عندما يكون هناك تفاوت كبير بين العرض والطلب بسبب ظروف الحرب أو غيرها، ولا يمكن زيادة العرض بالسرعة اللازمة لمقابلة حجم الطلب فتنشأ (السوق الاحتكارية) أو ( سوق المنا فسة غير الكاملة)التي تمكن التاجر من بيع سلعه بنسب أرباح أعلى من النسب الاعتيادية، فيثرى بسرعة. ألم يقولوا ( أثرياء الحرب) أو( تجار الحرب ). وهم معروفون في كل زمان ومكان.
ففي مثل هذه السوق لا يستطيع التاجر أن يبيع – بدوافع إنسانية-السلع بأسعار معتدلة.
فإن التجار أنفسهم سيشترونها منه جملة ويبيعونها بالسعر السائد في السوق. وربما يدفعون له سعرا أعلى من السعر الذي يطلبه من المستهلكين. ثم إن التاجر إذا انتهى من بيع السلع التي لديه بأسعار رخيصة، هل يغلق محله ويذهب إلى البيت ينتظر انخفاض الأسعار؟ أليس من طبيعة عمله أن يجهز محله بسلع جديدة. فبأي سعر سيكون التجهيز؟ وهل يرضى أحد عن تصرف تاجر يبيع الثلاجة بمائتي دينار ثم يشتري أخرى بثمانمائة دينار ليبيعها بألف.
إن سوق المنافسة الناقصة ليست من صنع التجار أنفسهم غالبا. فقد يساهم في صنعها بعضهم، وهؤلاء قليلون. إن التجار يستفيدون من حركة السوق، كما يتحملون تبعاتها. وليس من الصحيح إن نطلب منهم أن يبيعوا بنسب من الأرباح إذا كانت السوق تفرض نسبا أخرى.
وفي مثل هذه الأحوال لو طلبنا منهم من خلا ل التوجيهات والأوامر الإدارية أن يلتزموا بنسب غير نسب السوق فإنهم لن يلتزموا بها. إن الوعظ لاينفع في مثل هذه الأحوال – كما يقول الدكتور علي الوردي – أطال الله عمره.
إن الذي يريد من التجار أن يلتزموا بمستوى معقول من الأرباح عليه إن يهيأ لهم (سوقا تنافسية) تتحدد فيها أوطأ الأسعار بصورة آلية. أما كيفية خلق تلك السوق فان وزارة التجارة وبما لديها من ملاك إقتصادي وتجاري لهم مختلف مستويات الخبرة ا لنظرية والعملية هي أدرى من غيرها بتلك السوق.
نشرت جريدة (الاتحاد) الغراء في عددها (167) مقالة بقلم وداد جمال محمد عن الصحف والمجلات التي في كربلاء منذ أواسط العقد الثاني من هذا القرن وحتى الوقت الحاضر. ولم تأت المقالة على ذكر أول مجلة صدر ت - حسب علمي - من ثانويتها عام 1951 باسم (صوت ثانوية كر بلاء) وتوجد في مكتبتي نسخة منها.
ورغم إن المجلة مدرسية - تصدر مرة واحدة في السنة - قام بإصدارها وتحريرها بعض طلاب المدرسة النابهين، الا انه قد ساهم في الكتابة فيها بعض أساتذة الكليات وغيرهم مثل الدكتور جابر عمر وكيل دار المعلمين العالية –سابقا- والدكتور جابر الشكري. كما ساهم أيضا الدكتور عبد الواحد سليمان، رئيس صحة اللواء (المحافظة) آنذاك، ومدير المعارف عبد الوهاب الركابي، ومدير المدرسة علي الطرفي.
وقد أشرف على إصدار المجلة بعض مدرسي المدرسة يومذاك وهم محمد علي خلف وعزت محمد جان، وجواد أمبن الورد، وعبد الرسول معصوم الذين ساهموا بالكتابة أيضا، إضافة إلى بعض المدرسات والمدرسين مثل السيدة بثينة خلف الحسيني مديرة متوسطة كربلاء للبنات والشاعر مظهر اطيمش مدرس الرسم في المدرسة، الذي ساهم بقصيدة جميلة قيلت في تحية الوفد السوري يوم 6-3 -1951 و كانت قد ألقيت في الحفلة التكريمية التي أقامتها البلدية للوفد المذكور. ومن جميل أبياتها :
سرت مسرى الحياة بكل شي وكالانسام في الروض النديّ
وكالأنغام يزجيها مغن إلى الأسماع من وتر عليّ
بشائر كم وقد غمرت نفوسا لكم حنت حنين أخ وفيّ
ومنها أيضا:
فيا وفدا ألم به اشتياق إلى وطن لمشتاق صديّ
إلى وطن أضر به خليّ فيا ويح الشجيّ من الخليّ
وطأتم أرضه فحنا عليكم حنوا لوالد البر الحميّ
ومنها يقول:
أأبناءالشقيقة من تحلّوا وأثروا بالخلاق اليعربيّ
"سواء نحن في لغة ودين" وتأريخ وفي مجد وضيّ
* * *
أما الذين ساهموا في المجلة من الطلبة، فقد كانت تلك المساهمات لهم –كما ظهر بعد ذلك - بمثابة المحاولات التجريبية الأولى على طريق الكتابة والنشر، ولا زال بعضهم يتواصل بشكل أو بآخر لحد الآن، أذكر منهم (الدكتور) محمد باقر الحسيني و(الدكتور) منذر الخطيب، وكاتب هذه السطور. ومن المواضيع الجيدة التي نشرت بأقلام الطلبة : نشأة المدارس في كر بلاء ودراسة قصيرة عن أحد شعراء كر بلاء :الشيخ محمد حسن أبو المحاسن.
ويبدو أن هذه (البذرة) التي نبتت هذا العام قد نمت و ظلت تصدر بصورة مستمرة أو متقطعة، ولكنها كانت تأخذ أسماء مختلفة، ولو استمرت تصدر بنفس الاسم لكان أفضل، لتأخذ صفة الاستمرار والتواصل. فمثلا في السنة التالية أخذت اسم (الرشاد) وفي سنة1956 صدرت تحت اسم (أنوار الفجر )، وربما صدرت بعد ذلك تحت أسماء أخرى لم يتم إحصاؤها في المقالة المذكورة أو هذا المقال.
وبهذه المناسبة فان تجربة (المجلة المدرسية) تجربة تستحق الاهتمام والتوجيه من وزارة التربية، وذلك بحث المدارس (الثانوية) و (المهنية) على إصدار أعداد سنوية لمجلا ت تحمل أسماء تلك المدارس، يساهم فيها طلبتها ومدرسوها، إضافة إلى عرض كافة نشاطاتها الفنية والعلمية والأدبية والرياضية وغيرها، ويجري تمويلها ذاتيا، وربما تقدم لها بعض المساعدات التشجيعية إذا ما أمكن ذلك.